بسم الله الرحمن الرحيم
بحوثات دراسية حول رعاية اليتيم
المعهد الصحي: شبوة ـ عتق
تحت أشراف :
د . أبو بكر الشكلية
مدير المعهد الصحي
بسم الله الرحمن الرحيم
رعاية اليتيم
قواعد رعاية اليتيم:
تنقسم نصوص الشريعة التي رسمت معالم منهج رعاية اليتيم وكفالته، إلى نصوص الرعاية العامة، ونصوص الرعاية الخاصة .
أولاً- نصوص الرعاية العامة:
وتتميز نصوص الرعاية العامة بِحَّثِ المسلمين على كفالة اليتيم والإصلاح من شأنه، وعدم تركه مقهورا بين الناس، يحطوا من شأنه، ويستهزئوا منه ومن حاله؛ فبيّنت هذه الآيات معالم وضوابط رعاية اليتيم، والطريقة المثلى لتنشئته النشأة الاجتماعية المثلى، التي تعينه على اجتياز محنة اليتم، والخروج للمجتمع كفرد فاعل، لا يحقد على بني جنسه، ولا يسلك سبيل الانحراف أو العزلة.
ومن هذه الآيات قوله تعالى: "وإذ أخذنا ميثاق بني إسرائيل لا تعبدون إلا الله وبالوالدين إحسانا وذي القربى واليتامى والمساكين" (البقرة: 83)، وقوله تعالى: "ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبيّين وآتى المال على حبه ذوي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل والسائلين وفي الرقاب" (البقرة: 177)، وقوله عز وجل: "يسألونك ماذا ينفقون قل ما أنفقتم من خير فللوالدين والأقربين واليتامى والمساكين وابن السبيل وما تفعلوا من خير فإن الله به عليم" (البقرة : 215)، وقوله تعالى: "ويسألونك عن اليتامى قل إصلاح لهم خير وإن تخالطوهم فإخوانكم" (البقرة:220)، وقوله تعالى أيضاً: "وإذا حضر القسمة أولوا القربى واليتامى والمساكين فارزقوهم منه" (النساء:
.
وقد حذر العلي القدير من عاقبة ظلم اليتامى، وعدم العطف عليهم والإحسان عليهم بما رزقهم الله من نعمة المال، فإن الفقر ابتلاء، وقد يبتلى ظالم اليتيم بتيتم أولاده، قال رب العزة: "وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافا خافوا عليهم فليتقوا الله وليقولوا قولا معروفا" (النساء: 9)، وقال تعالى: "واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا وبذي القربى واليتامى والمساكين والجار ذي القربى والجار الجنب والصاحب بالجنب وابن السبيل" (النساء: 36)، وقوله تعالى: "ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا" (الإنسان:
.
فهذه آيات جامعة لمعاني التكافل الاجتماعي في الإسلام، بحيث لا يتغافل عن حق أي فرد من أفراد المجتمع، بما أثبته لهم الشارع الحكيم.
يضاف لها الآيات التي تحرم الحط من شأن اليتيم، وقهره، بما يتنافى والأخلاق الإسلامية المؤسسة لقواعد التكافل الاجتماعي، قال تعالى في هذا الشأن: "وأما إذا ما ابتلاه فقدر عليه رزقه فيقول ربي أهانني، كلا بل لا تكرمون اليتيم" (الفجر: 16-17) وجاء في تفسير الآية أن "ترك إكرام اليتيم على وجوه. أحدها : ترك بره، وإليه الإشارة بقوله "ولا تحاضون على طعام المسكين". والثاني: دفعه عن حقه الثابت له في الميراث وأكل ماله، وإليه الإشارة بقوله "وتحبون المال حبا جما" أي تأخذون أموال اليتامى وتضمونها إلى أموالكم
ومن الآيات في السياق نفسه قوله تعالى: "وما أدراك ما العقبة، فك رقبة، أو إطعام في يوم ذي مسغبة، يتيما ذا مقربة" (البلد: 12-15)، وقوله تعالى: "فأما اليتيم فلا تقهر" (الضحى : 9)، وقوله تعالى: "أرأيت الذي يكذب بالدين، فذلك الذي يدعُّ اليتيم" (الماعون: 1-2)، "وحاصل الأمر في دَعِّ اليتيم أمور (أحدها) دفعه عن حقه وماله بالظلم و(الثاني) ترك المساواة معه، و(الثالث) يزجره ويضربه ويستخف به
ثانياً- نصوص الرعاية الخاصة:
لم تصرح الآيات الكريمة نصا على كافل اليتيم، غير أن للمصطفى صلى الله عليه وسلم حديثا في هذا المجال فقد قال: "من قبض يتيما بين المسلمين إلى طعامه وشرابه، أدخله الله الجنة البتة، إلا أن يعمل ذنبا لا يغفرله وقال أيضا: "أنا وكافل اليتيم في الجنة، وقيل أن كفالة اليتيم "واجبة في الأصل على ذوي الأرحام والأقرباء، وأما الدولة فإنها لا تلجأ إلى الرعاية إلا عند الحاجة" وهو ما يتبين بدلالة إشارة النص في الآيات الكريمة التي سبقت، عندما تقرن بين الإحسان لذوي القربى واليتامى، "فالمتصرفون في أموال اليتامى في غالب الأحوال هم أهل قرابته فإنه من . الأولى أن يضم اليتيم إلى أحد بيوت المسلمين بدلا من أن يعيش في دور الأيتام، لما سينشأ عنه من عواقب نفسية وخيمة، وهو ما يظهر جليا عند رؤيتنا لأيتام المؤسسات الخاصة برعاية اليتامى، "وقد وجد أن أطفال دور الأيتام كانوا معاقين بدنيا واجتماعيا وعاطفيا، إذا ما تمت مقارنتهم مع الأطفال الآخرين، ويتعاظم هذا الفرق على نحو ثابت ومؤكد مع نمو الأطفال"
أما الآيات الكريمة المخصصة لرعاية اليتيم فقد أرشدت كافله إلى منهاج التعامل معه في عظام الأمور بخاصة، وهي أمور المال، والنكاح؛ لأن هذين الأمرين مما تكون ولاية الأب عليهما، فإذا ما فقد اليتيم أباه فقد الولاية والوصاية، لذلك ذهب العرب إلى أن اليتيم هو من فقد أباه؛ لأنه فقد من يدفع عنه، والذي فقد أمه عدِم الحضانة، وقد تنصر الأم، لكن نصرة الأب أكث
ومن هذه الآيات قوله تعالى: "وآتوا اليتامى أموالهم ولا تتبدلوا الخبيث بالطيب ولا تأكلوا أموالهم إلى أموالكم إنه كان حوبا عظيما" (النساء :2)، وقوله أيضا: "وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع" (النساء: 3)، وقوله تعالى: "وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح فإن آنستم منهم رشدا فادفعوا إليهم أموالهم" (النساء: 6)، وقوله تعالى: "إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون في بطونهم نارا وسيصلون سعيرا" (النساء: 10).
ومن الآيات أيضاً قوله تعالى: "ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن حتى يبلغ أشده" (الأنعام: 152)، ونفسها (الإسراء: 34)، وقد جاء الحث والحض على حفظ مال اليتيم في آية المحرمات بسورة الأنعام في قوله تعالى: "قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم" (الأنعام: 151)، والتي ابتدأت بتحريم الشرك بالله، وتحريم قتل النفس، ودعت إلى حفظ النسل، وحفظ العرض، ثم دعت إلى حفظ المال، وجاء ذكر حفظ مال اليتيم ابتداءً، وفي هذا التقديم غاية جليلة كما ذهب لذلك الإمام ابن عاشور حيث قال في تفسير الآية " من المحرمات التي ترجع حفظ قواعد التعامل بين الناس لإقامة قواعد الجامعة الإسلامية، ومدنيتها، وتحقيق ثقة الناس بعضهم ببعض… وابتدأها بحفظ حق الضعيف الذي لا يستطيع الدفع عن حقه في ماله، وهو اليتيم"
وفي أمور الزواج قال تبارك وتعالى: "ويستفتونك في النساء قل الله يفتيكم فيهن وما يتلى عليكم في الكتاب في يتامى النساء اللاتي لا تؤتوهن ما كتب الله لهن وترغبون أن تنكحوهن والمستضعفين من الولدان وأن تقوموا لليتامى بالقسط وما تفعلوا من خير فإن الله كان به عليما" (النساء: 127)، ودعا الشارع الحكيم إلى عدم غبط حقوق اليتيمات، في مهورهن خاصة، فمما جاء عن السيدة عائشة قولها: " أنهم نُهوا عن أن ينكحوا من رغبوا في مالها وجمالها من يتامى النساء إلا بالقسط، من أجل رغبتهم عنهن إذا كنّ قليلات المال والجمال"؛ وكان الولي يرغب عن أن ينكحها ويكره أن يزوجها رجلا فيشركه في ماله بما شركته، فيعضلها"
المطلب الثالث: قواعد الرعاية والتربية الخاصة لذوي العاهات .
لم تعد تربية ذوي العاهات تأخذ الطابع العام للتربية فحسب، بل إن الأبحاث النفسية والطبية أخذت تنحو منحى جدّياً في إيجاد قواعد عامة وأخرى خاصة يسترشد بها الآباء في تربية أبنائهم المعاقين، على اختلاف نوع إعاقتهم؛ السمعية أو البصرية أو الكلامية، أو العقلية؛ إذ إن ولادة طفل يعاني من الإعاقة الجسدية أو العقلية قد يغير جذريا حياة الأسرة. ولا يكفي تشجيع الأهل على المساهمة الفعالة في تربية الطفل المعوق، فالأسرة تحتاج إلى الدعم الكبير، وذلك بتحضيرها وإعدادها للتدخل المناسب لمساعدة طفلها المعوق وتربيته داخل إطار الأسرة
فللأسرة الدور المهم والكبير في التربية ليواجه الأطفال إعاقاتهم "بعيدا عن المواقف الإحباطية، والصراعات النفسية، مما يحقق الاستقرار النفسي والاجتماعي، ويؤكد الثقة في أنفسهم" هذه الثقة التي تدفعهم إلى الاستقلال النسبي عن الاتكالية والاعتماد المطلق على الأهل، مما يؤهلهم لخوض غمار التمهين والعمل. فلم تعد تربية المعاق تبغي تكييفه مع أفراد أسرته فقط، بل إنها تنشد تفعيل قدراته اجتماعيا، واقتصاديا، ليصبح طاقة منتجة.
وفي الحقيقة إن تربية المعوقين لا تختلف عن تربية الأطفال الأسوياء، فإن أهدافهما واحدة، إلا أن الذي يميز التربية الخاصة عن العادية هو التقنيات اللازمة لتربية المعاقين، أو بالأخرى الأطفال ذوي الحاجات الخاصة، بما يتوافق وإعاقتهم؛ بحيث تهدف التربية الخاصة إلى تحقيق التوازن في أمرين مهمين بالنسبة للمعاق؛
أولهما: تغيير السلوك العدواني المميز للمعاق إلى سلوك مسالم متزن غير قلق
ثانيها: تحويل المعاق من فرد عالة على أسرته إلى طاقة فعالة منتجة. ولتحقيق ذلك يتطلب الأمر قواعد معينة طويلة المدى، تبدأها الأسرة مع معاقها، وتنتهي بالمؤسسات الاجتماعية التربوية الخاصة بتأهيل المعوقين سلوكيا، ودراسيا، وأخيرا مهنيا؛ وذلك بالاعتماد على:
تكييف ذي العاهة مع نفسه ابتداء، ليجد ممارسة الحياة اليومية أمرا عاديا، في لبسه، وأكله بنفسه؛ ويكون ذلك بإزاحة كل المعوقات التي تحول دون توافق الطفل مع نفسه.
وتكييفه للتعامل مع الناس، من خلال تدريبه على آداب التنشئة الاجتماعية، والأعراف العامة للمجتمع، فيتكيّف بسهولة مع أفراد أسرته، ويندمج في مجتمعه، فلا يجد صعوبة في التفاهم معهم، مما يمكن أن يسبب له توترا يؤدي به للانعزال والانطواء.
تنمية قدراته المتبقية له من الإعاقة بما هو ميسر لها، في معاونته على اكتساب الخبرات والمهارات، وتأهيله للعمل بقدر ما يستطيع، مثل النجارة، والحرف اليدوية ( صناعة الأحذية، الفخار، السلال…)، وإصلاح الأثاث والساعات، وأعمال الطباعة… الخ
تعد هذه القواعد أبرز ما كتب في مجال رعاية المعاقين؛ من أجل تطوير قدراتهم السليمة وتنميتها، في تعويضها للجزء المفقود أو المعوق، بأساليب خاصة عرفت بـ"التربية الخاصة" . ولأن مجال البحث ليس مجالا اجتماعيا أو نفسيا بل أصوليا مستنداً إلى مقاصد الشريعة، ارتأيت التعريف بهذه القواعد والإشارة إليها بشكل موجز، بما يتوافق مع أهداف البحث، لمعرفة مدى الاهتمام الذي يلقاه المعاقون، وطرق رعايتهم، والتي تستمد أصولها من إنسانيتهم، ومن مبدأ الرحمة بهذا الصنف من الأفراد؛ وإذا كان الأمر كذلك مع علماء التربية، فالأولى بالمجتهد في المسائل الفقهية أن لا يستبيح "إجهاض الأجنة المشوهة" بما لا يتوافق مع مقاصد شريعتنا، وأحكام ديننا.
كفالة اليتيم
وصل اليتيم بالتزاور: ويكون ذلك بزيارة مؤسسات رعاية الأيتام، وفيها نعطف على اليتيم ونحصد الحسنات والمنح التي وهبنا الله إياها في هذا اليوم المبارك فنرسم البسمة على شفاههم ونملأ قلوبهم بالحب والانتماء لمجتمعهم فنعوضهم عن فقدان الوالد أو الوالدة.
- الكفالة الكلية أو الجزئية: كفالة بعض الأطفال كفالةً كليةً أو جزئيةً، فيمكن لأهل الخير ولأهل المال الموسرين القادرين أن يكفل طفلاً يتيمًا فيتكفل بمصروفاته وحاجاته من ملبسٍ ومأكلٍ ومشربٍ حتى يبلغ ويشتد عوده.
- كفالة الاحتضان: هي أحد صور كفالة اليتيم وتتم من خلال احتضان يتيم ليعيش مع الأسرة فيسكن معها فيشرب مما يشربون ويأكل مما يأكلون ويلبس مما يلبسون على أن تراعي الضوابط الشرعية التي تمنع التبني الذي يدخل اليتيم في نطاق مشاركة الأسرة في الميراث، فهذا مما لا يقره الإسلام؛ حيث إنَّ اليتيمَ لا يُعدُّ فردًا من أفراد الأسرة يرث كما يرثون.
- المساهمة في دعم جمعيات رعاية الأيتام: وذلك من خلال الدعم المادي والمعنوي والإداري كأن يشارك في برامج الرعاية المعنوية والدينية لتربية اليتيم على أسس تربوية إسلامية.
وفي هذه الأيام المباركة علينا أن نسارع إلى هذه القربة من الله بوصال اليتيم ورعايته وكفالته لمَن استطاع.
وعلى كلٍّ فكلٌّ منا يستطيع أن ينفذ ذلك فعلاً وقولاً، وأقل ما يمكن أن يقدمه أحدنا في هذه الأيام المباركة وصل اليتيم بزيارته ووصله بالرحمةِ والقول الحسن والنصح والإرشاد والسعي بالمساهمة في تذليل العقبات والمشكلات التي تقابل اليتم في القرية أو الحارة أو المدينة أو الحي.
أيضًا علينا نشر الوعي بين الناس عن أهمية رعاية اليتيم ووصاله لما في ذلك من خيرٍ للمجتمع في الدنيا وخير للفرد في الدنيا والآخرة.
فعلينا أن نلتف إلى هؤلاء الأيتام الذين هم جزء منا وجزء من مجتمعنا لهم علينا حق الرعاية والكفالة والوصال كلنا لا يعجز عن وصال اليتيم ولو بالكلمة، فالمدرس في المدرسة يستطيع أن يصل اليتيم من خلال رعايته دراسيًّا ويمكن أن يساهم في تحسين مستواه الدراسي من خلال ضمِّه للمجموعات والدروس المدرسية، والطبيب يستطيع أن يصل اليتيم من خلال تقديم رعايةٍ طبيةٍ مجانيةٍ، وكذا إمام المسجد وشيخ البلد وغيرهم
// انتهى //
اعداد : الطالب عبد الله احمد صالح الهوبدان
سنة ثالثة تمريض عام