بســــــــم الله الرحمن الرحيــــم ..
يـــالله حسن الختامه ..
في عصرنا ..
فيقول أحد العاملين في أمن الطرق :
كانت مهنتي الامن و مراقبة السير .. تعودت شاهدة الحوادث و المصابين .. و ذات يوم كنت في دورية أراقب الطريق معي أحد الزملاء .. و فجأة .. سمعنا صوت ارتطام قوي التفتنا .. فإذا سيارتان قد ارتطمتا وجها ًلوجه بشكل مروع .. اسرعنا لإنقاذ المصابين ..
حادث لا يكاد يوصف .. في السيارة الأولى شخصان في حالة خطرة .. أخرجناهما من السيارة .. و الدماء تسيل منهما .. و هما يصيحان و يتأوهان .. وضعناهما على الأرض .. أسرعنا لإخراج صاحب السيارة الثانية .. وجدناه قد فارق الحياة ..
عدنا للشخصين فإذا هم في حال الاحتضار .. هب زميلي يلقنهما الشهادة ..
قولا : لا إله إلا الله ..
و هما يشهقان .. و صاحبي يردد .. لا إله إلا الله .. وهما لا يستجيبان .. حتى بدأ بهما النزع .. و اشتد شهيقهما ..
بدا يرددان كلمات الأغاني .. لم استطع تحمل الموقف .. بدأت انتفض .. و صاحبي يكرر عليهما و يرجوهما : لا إله إلا الله .. و هما على حالهما حتى بد أ صوت الغناء يخف شيئا فشيئا .. سكت الاول و تبعه الثاني .. لا حراك .. فارقا الحياة . ..حملناهما إلى السيارة مع الميت الاول .. و أخذنا نسير بهؤلاء الموتى الثلاثة ..
بعدها .. صاحبي مطرق لا يتكلم .. و فجأة ألتفت إلي و أخذ يحدثني عن الموت و سوء الخاتمة .. وصلنا إلى المستشفى .. و انزلنا الموتى .. و مضينا إلى سبيلنا .. أصبحت بعدها كلما أردت ان أسمع الأغاني .. برزت أمامي صورة الرجلين .. وهما يودعان الدنيا بصوت الشيطان ..
.. و بعد ستة أشهر وقع حادث عجيـــــب ..
شاب يسير بسيارته سيرا عاديا .. تعطلت سيارته .. في أحد الأنفاق .. نزل من سيارته لإصلاح إحدى العجلات .. و عندما وقف خلف السيارة لينزل العجلة السليمة ,, جاءت سيارة مسرعة و أرتطمت به من الخلف .. سقط الشاب مصابا إصابات بالغة و خطيرة .. أتصل بنا بعض الناس .. فتوجهت مع احد زملائي إلى موقع الحادث سريعا ..
حملناه معنا في السيارة .. شاب في مقتبل العمر .. مدد على الأرض عليه مظاهر الصلاح ..
كنت أحدث نفسي و أقول سألقنه الشهادة مثل ما فعل زميلي الأول .. عندما حملناه .. سمعناه يهمم بكلمات .. خالطها آنات و أهات .. لم نفهم منه شيئا .. أسرعنا إلى المستشفى .. فبدأت كلماته تتضح .. إنه يقرأ القرآن .. بصوت ندي .. ألتفتنا إليه .. فإذا هو يرتل في خشوع و سكون .. سبحـــــــــ الله ــــــــان ! قد غطى الدم ثيابه و قد تكسرت عظامه .. بل هو على ما يبدو على مشارف الموت .. أسرعنا المسير .. أستمر يقرا بصوت جميل ..يرتل القرآن .. لم أسمع في حياتي مثل تلك القراءة ..
انصت انا و زميلي لسماع ذلك الصوت الرخيم ..
أحسست برعشة في جسدي ..
فجأة ..
سكت ذلك الصوت .. ألتفت إلى الخلف .. فإذا به رافع إصبح السبابة يستشهد.. ثم أنحنى رأسه ..
أوقفت السيارة .. قفزت إلى الخلف .. لمست يده ..أنفاسه ..قلبه ..حركته ..لا شيء
فـــــــــــارق الحياة ألتفت إلي صاحبي : مــــــاذا حدث ؟؟
قلت : مــــــــــات الشاب .. مات و هو يقرأ القرآن ..مات ..
أنفجر صاحبي باكيا .. اما أنا لم أتمالك نفسي .. أخذت أشهق و دموعي لا تقف .. أصبح منظرنا داخل السيارة مؤثرا ..
أسال الله ان نكون ممن تكون خاتمته القرآن ..
من كتاب : الشيخ الدكتور : محمد عبدالرحمن العريفي (من روائع العريفي )