الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين .
خلق الله سبحانه وتعالى الناس أمم وقبائل مختلفة , والإنسان في مجتمعه يعيش وسط أنواع من
البشر متنوعة , منهم الصالحين , وآخرين غير ذلك , ولا يخلو المرء من نقص ما , لذا قد يتعرض أحدنا لزلة لسان في حقه الشخصي , أو تصرف غير لائق يتخذه أحدهم تجاهه يشعره بالضيق .
فمن كان يرجو إدراك مطلب السعادة , والظفر براحة البال , عليه أن يعود نفسه على التغافل !
والتغافل هو : تكلف الغفلة مع العلم , والإدراك لما يتغافل عنه ترفعا , وتكرما عن سفاسف ألأمور.
.
قال الله تعالى: [ عرف بعضه وأعرض عن بعض ] سورة التحريم . فقد عرف الرسول عليه الصلاة والسلام إحدى زوجاته عن بعض ما علم من خبر , وأعرض عن الباقي , حياء منه وتفضلا وهذه
عادة الفضلاء .
وقال تعلى: [ خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين ] سورة الأعراف. ليس المراد إعراضه عمن
لاعلم عنده فلا يعلمه ولا يرشده, وإنما المراد إعراضه عن جهل من جهل عليه.
قال علي ابن أبي طالب رضي الله عنه:ـ إن لله في الآرض آنية , وهي القلوب , فأحبها إليه أرقها ,
وأصفاها , وأصلبها ـ أصلبها في الدين , وأصفاها في اليقين , وأرقها على الإخوان ـ .
قال الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله: ـ تسعة أعشار حسن ألخلق في التغافل ـ أي عدم التدقيق
والتنقيب في كل شيء.
ومن الفوائد لإبن قيم الجوزية :
( إذا خرجت من عدوك لفظة سفه, فلا تلحقها بمثلها تلقحها , ونسل الخصام نسل مذموم )
( إذا اقتدحت نار الإنتقام من نار الغاضب ابتدأت بإحراق القادح )
( أوثق غضبك بسلسلة الحلم , فإنه كلب إن أفلت أتلف )
( أخسر الناس صفقة من اشتغل عن الله بنفسه , بل أخسر منه , من اشتغل عن نفسه بالناس )
قال عمرو بن عثمان : المروءة التغافل عن زلل الإخوان
ليس الغبي بسيد قومه
لكن سيد قومه المتغابي
ولذا نعلم أن التغافل نعمة يجتمع فيها : راحة النفس , وهدوء البال , وسكينة الروح , كما أنه يورث
ألمحبة بين الناس , ويوثق بينهم صلة الأخوة , فما أجمله في حق قريب أو صديق أو بين الزوجين.
.