بسم الله الرحمن الرحيم
هذا بيان للناس
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ، من يهد الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له ، ونشهد ألا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله ـ صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم ـ أما بعد فقد اطلع العلماء الموقعون على هذا البيان على تلك الحملة الشنيعة التي شنتها بعض وسائل الإعلام المقروءة في الدنمارك والنرويج ، من خلال الرسوم الكاريكاتيرية ، والتعليقات المصاحبة لها ، التي ظهر فيها التطاول على نبي الرحمة ، والتي تجاوزت كل حدود القيم والمبادئ والأعراف ، في استهتار واضح بالإسلام والمسلمين ، وبهذا الخصوص يؤكد العلماء على ما يأتي :
• أولاً :
يستنكر العلماء هذه الفعلة الشنيعة التي تطاولت على الرحمة المهداة الذي أرسله الله رحمة للعالمين " { وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ ( 107) } (الأنبياء ) مذكرين بأن ذلك يأتي في سياق الهجمة الشرسة التي تُشَن على الإسلام والمسلمين ، ويتولى كبرها أولئك الذين شرقوا بانتشار هذا الدين العظيم الذي جاء به محمد ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ رحمة للبشرية جمعاء لتسود قيم الخير والحب والتكافل ، كما يذكرون بأنه ما كان ليجترئ أولئك على ما اجترؤوا عليه لو اتخذ المسلمون الإجراءات الرادعة مع سوابق مشابهة .
إن هؤلاء بفعلتهم ليرومون الحيلولة بين البشرية التي تتوق إلى مخرج من أزماتها المتلاحقة في شتى مجالات الحياة وبين النور الذي جاء به هذا النبي الكريم : { يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ (15) يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (16) } ) ( المائدة ) ولكن هيهات فالله يقول { يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ (
هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ (9) } ( الصف ) .
• ثانياً :
يُذَكِّر العلماء جميع المسلمين في هذا البلد وغيره بما يجب عليهم تجاه نبي الرحمة ، ليس دفاعاً عنه ـ بآبائنا هو وأمهاتنا ـ فقد تولى الله ذلك حيث قال : { فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ (94) إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ (95) } (الحجر ) وقال: { يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ (67) } (المائدة) وإنما قياماً بالواجب تجاه هذا النبي العظيم الذي أخرجنا الله به من الظلمات إلى النور { الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آَمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (157) } ( الأعراف )
وبهذا الشأن يتوجه العلماء إلى كافة أبناء المسلمين بأن عليهم استثمار هذا الحدث استثمارًا إيجابياً يكفل رد المعتدين ويزجر من خلفهم .
ويأتي في المقدمة حكام المسلمين الذين يتحتم عليهم القيام بواجب رد مثل هذا التطاول بشتى الوسائل والأساليب ، كما يأتي في المقدمة علماء المسلمين الذين ينبغي عليهم استنفار الجهود في الدعوة إلى هذا الدين ، والتعريف به ، وإيصال هذه الرسالة الخالدة إلى البشرية بشتى الوسائل ، وبيان عقيدة الولاء والبراء ، ويدعو العلماء بهذا الصدد كافة المنظمات الإسلامية إلى السعي الحثيث في نشر سيرة النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ بما فيها من مثل إنسانية عليا في أوساط أولئك ، وبلغاتهم بيانًا للحق ، وإقامة للحجة ، كما أن على المشتغلين بوسائل الإعلام المختلفة أن يتحملوا مسؤولياتهم تجاه هذه القضية .
وبالجملة فإن على المسلمين جميعًا استنفار الطاقات ، واستخدام كل وسائل الضغط التي تكفل محاسبة المعتدي وزجر كل من تسول له نفسه المساس بمقام نبينا وديننا بعد أن استنفد إخواننا في تلك البلاد مختلف وسائل الحوار دون أن يجدوا تجاوباً ومن ذلك المقاطعة لمنتجات تلك البلدان وبضائعهم ، والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون .
صادر في : 6/1/1427هـ