الموهبة الفطرية: اللاعب اللاعب، الملعب الملعب وفضائح الكرة اليمنية

شمال، جنوب، شرق، غرب

اليس: هل تدلني على طريق أسلكه؟

القط: هذا يعتمد على وجهتك!

اليس: لا يهمني أين أذهب!

القط: اذا لا يهم أي طريق تسلكين!!

مقطع أكثر من معبر من رائعة لويس كارول الشهيرة والأثيرة "اليس في بلاد العجائب" إذ أن ثنايا ذلك الحوار السطحي تحمل معانٍ أكثر عمقا. تتمثل تلك المعاني في أهمية تحديد الطريق والرؤية للوصول للهدف المنشود ولولا ذلك لأصبحت كل الطرق سيان ولأنعدمت أهمية الوجهة واختيار الطريق والدرب والمسلك والمسار ولبارت تجارة البوصلات وأنظمة الملاحة!

أزعم أني سافرت هنا وهناك وتغربت كثيرا غربا وشرقا، لكني مع كل الاجناس التي قابلتها لم أجد شعبا لم يستغل قدراته الكامنة كما هو حال شعبنا. نعم....أدمغة متألقة وقدرات رائعة لكنها منغمسة في احباط من صنع شخصي أستند على حجة لوم الظروف وسوء الأحوال الخاصة والعامة. في خضم هذه الأستهلالة، فأن ماسيناقشه هذا الموضوع هو ظاهرة طغت وتفشت حتى باتت السمة البارزة في ملاعبنا العشبية الطبيعية والصناعية وماتبقى منها من ترابية. ظاهرة تواضع مستوى اللاعب اليمني وانعدام طموحه في ظل وصفه بأنه (موهوب بالفطرة)!.
مانشيتات مانشيتات مانشيتات

تتثير حفيظتي أخبار انهمار عقود الأحتراف على لاعبينا بعد أي مبارة دولية حتى لو أنهزمنا بالخمسة.

أصبحت هكذا أخبار جزءا ثابتا من خاتمة اي ملخص من ملخصات مباريات المنتخب. فبعد التراجيديا الشكسبيرية المعتادة لوصف سير المباراة نجد بعض الأسطر تتحدث عن العروض الاحترافية وطاقة القدر التي انفتحت على لاعبينا. مثلا:

"هذا وقد علم مراسل صحيفة (.......) ان نادي ريال مدريد ابدى اهتماما باللاعب (.....) وسيتم الاتفاق على تفاصيل العقد الاحترافي بعد الهزيمة القادمة للمنتخب! " (ريال مدريد من باب المبالغة فقط!)

وينبري أحد النقاد قائلا بينما يلوك قطعة من اللادن "اللاعب اليمني موهوب بالفطرة......"......ألخ ألخ

لقد أستهلكت هذه العبارة كثيرا حتى صارة نوعا من العبارات المكررة عديمة المعنى أو بالأصح صورة نمطية أو "أكليشيه"...... أخترعناها (أي العبارة) وأتخذناها "مدكا" في مقيل فشلنا الرياضي.

موهوب بالفطرة.............................ماذا بعد؟

اللاعب اليمني موهوب بالفطرة! جيد........ماذا بعد ذلك؟ ياسادة ياكرام الموهبة الفطرية بدون تنمية واحترافية محلها الشوارع الأسفلتية ودواري الحارات. فما الذي يمنع اللاعب اليمني أن يصل الى المستوى العالمي أو على الأقل الى المستوى الخليجي الجار؟ ما الذي يجعل اللاعب اليمني يتواري خجلا كفراشة فقدت ألوانها أو كسنونو مصاب بإلتهاب الأحبال الصوتية!! للأسف كلما دغدغة امال الانتصار مخيلاتنا وجدنا لاعبا يطرد لتدخل أرعن واخر يتآمر مع زملائه على المدرب وثالث يتغيب عن التدريبات! فهل لهذه الظواهر علاقة بنقص الامكانيات واهمال المعنيين؟ أعتقد أن أساس أي نجاح هو عمل مشترك بين عدة عناصر، وفي كرة القدم بالذات يجب أن تتضافر 4 عناصر أساسية الا وهي اللاعب، المنظومة (الأطر المختلفة مثل نظام الاحتراف الخ)، الاستثمار(العامل المادي والبنى التحتية) والاعلام. اذا أختل أي عامل أختلت العوامل الأخرى مما يؤدي الى عربة كروية مهتزة تحتاج الى خدمات أقرب تقني (لترصيص) اطاراتها!

الظاهرة النسيمية الكشميمية

"لو عاش نسيم كشميم في اليمن لأصبح يبيع (الايس كريم) على عتبات المدارس!" عبارة انتشرت هنا وهناك...تلوكها الألسن وتختزلها تعليقات الناس عن حالات الفشل وفقدان بوصلة النجاح. تلك العبارة وما ماثلها من عبارات أخرى صارت من أكبر المحبطات وأصبحت تدمغ ثقافة سلبية أنتشرت بين شبابنا. أقنعوا بها أنفسهم وبرروا فيها قنوطهم وتواضع طموحهم. ينعكس هذا الواقع على لاعبينا أيضا. يرضون بركل الكرة كيفما اتفق والوظيفة الرسمية أو (الميري) كما يقول أخوتنا في مصر بينما يكتفون بأدنى معدلات الطموح، طموح لايتجاوز عتبات ملعب علي محسن مريسي ويكتفي بأحراز الاهداف في المنتخبات الأفريقية (التايوان!)...... لماذا نجعل من نموذج نجاح كنسيم مبررا للفشل والأحباط؟؟

أي شخص في أي مكان من العالم لن يكون شيئا مذكورا اذ لم يتسلح بالطموح والعزيمة والعمل الجاد. اللاعب اليمني ليس اسثتناءا، لن يسعى اليه أحد الا اذا عزز موهبته (الفطرية) بالاجتهاد والعمل الجاد، هذا اذا ما اعتبرها (أي موهبته) رصيدا قد يفتح أبواب المستقبل أمامه على مصراعيها.

اذا...........جرعة طموح....... نعم جرعة طموح........... أيها السادة......... هي كل مانحتاج اليه!


اديسون ارانتيس دو ناسمنتو


اديسون ارنتاس دو ناسيمنتو المعروف ببيليه شق طريقه الى النجومية من قعر الفقر والحاجة في ازقة ساو بالولو، بل - صدق أو لا تصدق - لقد عمل في فترة طفولته نادلا في مقهى لسد رمقه. اذا، الفقر ليس معوقا وشح الأمكانيات قد يكون دافعا للوصول الى الأفضل عن طريق البحث عن الفرصة المناسبة واستغلالها أفضل استغلال. وما بيليه الا مثالا واحدا من عدة أمثلة تحدت الواقع وخرجت من طوق الاحباط.

كأس العالم في المضغ!

حضرت في يوم من الأيام حفل زفاف وبينما أنا متكٍ في أحد جوانب المجلس اذ سمعت صوت يقول "هلموا! حيو بطل الدوري مع نادي (......)" واذ حانت مني التفاتة رأيت - وياللعجب - مدافعا من مدافعي المنتخب الوطني سابقا وقد امتلأ خذه بالقات حتى صار أكبر من الكرات التي اعتاد على ركلها! والأدهى من ذلك أنه كان يدخن..........لفافة تبغ تلو الأخرى تحيطه بغمامة من دخان كثيف. جعلني ذلك المثال الحي أصدق قصص تجمع بعض لاعبي المنتخب في أسواق القات وتبوأهم ناصية مجالسه كنموذج على نظام الاحتراف في اليمن والذي يبدو أنه نظام احتراف للمضغ والتدخين! وهذا لعمري مثال من عدة نماذج على اهمال اللاعب اليمني للياقته وصحته العامة!!

اذا من نلوم؟؟

أغلب الكتابات في نقد الكرة اليمنية المركولة تذهب غالبا في اتجاه نقد الدولة وتقصيرها في دعم اللعبة والفئات العمرية وما الى هنالك. لكن يجب ان نتحلى بشئ من العدل ونشخص مكامن الخلل في عنصر اللعبة الأهم كما ذكرنا انفا الا وهو اللاعب اليمني (الموهوب فطريا.....اسف على التكرار!)؛ فاذا وضعنا كل العوامل الأخرى جانبا (مع عدم تقليلنا لأهميتها) نجد عددا من الخصائص المشتركة بين أغلب اللاعبين (مع احترامنا لكل ملتزم ومتفانٍ):

عدم الالتزام التكتيكي.
عدم الالتزام في التدريبات.
الشللية!!!
قصور الثقافة الرياضية والعقلية الاحترافية.
التقصير في الجوانب البدنية والصحية (السهر، مضغ القات، تدخين لفافات التبغ، الخ).
عدم السعى في تطوير المهارات الذاتية (دافيد بيكهام اعتاد على تخصيص وقت بعد كل تدريب لتطوير مهاراته في تنفيذ الركلات الحرة على سبيل المثال!)
نقص الطموح.
النفخ الاعلامي!(من المسئول عن القاب مثل مارادونا اليمن وميسي تعز الخ!!).
كل نقطة من النقاط عاليه بحاجة الى الدراسة والتفنيد ولولا خوفي من سخط رواد المنتدى وحرصي على مثل "خير الكلام ماقل ودل (وان زاد الكلام هنا قليلا!)" لأعطيت كل واحدة منها حقها من الفحص والتوصيف!

خاتمة

المدح والهجاء وجهان لعملة واحدة الا وهي عملة التقييم والنصح. وكما مدحنا لاعبينا وأسبغنا عليهم الألقاب سابقا يجب أن نكون منصفين أيضا ونشخص مكامن الخلل والقصور فمفاعيل المجاملة وتمهية العيوب ماهي الا عوامل اكيدة لأنتشار الخلل تمهيدا لأجيال رياضية كسيحة تسهم في زيادة احباطنا وانزوائنا في زمن العولمة والاعلام المفتوح برسم الفضائح المنقولة على الهواء مباشرة.

وللحديث بقية مادام في العمر بقية......

هذا ودمتم في حفظ الله.